أنهى حديثه ليشرع فى خلع قميصه يلقيه على الأرض يقترب منها يمد يده يتحسس شعرها وقسمات وجهها
– اهو أنتى يا ضحى لما تفوقى هتبوسى ايدى علشان اتجوزك
عندما هم بالاقتراب منها وازاح رأسها جانباً وجد بقعة دماء كبيرة تتوسط الوسادة اسفل رأسها نظر اليها بعيون جاحظة فأدار راسها وجدها تنزف أثر اصطتدامها بالمقعد هرب الدم من عروقه فربما سيصيبها مكروه وسيزج به بالسجن ،ظل يربت على وجهها يحاول افاقتها فقال:
– ضحى ضحى فوقى ضحى اصحى يا مصيبتى السودا انا كده هروح فى داهية لو هى ماتت ولا جرالها حاجة
التقط قميصه من على الأرض يرتديه بُعجالة حتى يتسنى له الهرب من المنزل قبل ان يعود والداها ويفتضح أمره،خرج يهرول سريعا من الغرفة بل من المنزل بأكمله فظل يلتفت خلفه بخوف كأن هناك شبح يطارده حتى وجد نفسه يصطتدم بزوج شقيقته قبل أن يصل الى سيارته التى قام بركنها أمام المنزل فازدرى ريقه قائلا:
–ممنير هو انتوا جبتوا انا كنت بخبط على الباب محدش رد عليا افتكرت مفيش حد جوا انتوا كنتوا فين
وقفت شقيقته خلف زوجها تشير إليه بعينيها ورأسها ظناً منها أنه لم ينفذ ذلك المخطط الذى رسمته هى له ببراعة الا انه ظل يزوغ بنظراته منها حتى سمع صوت منير قائلا:
– كنا عند الدكتور بس ضحى جوا معقولة تكون خرجت
نظر منير لأشرف بقلق فتلك الحالة المزرية التى يبدو عليها اشرف بدأت باثارة شكوكه فهو يبدو متعرقا للغاية وقميصه مشعث لم يحكم غلق ازراه جيداً وجد منير نفسه يزيحه جانبا بيده يركض لاتساعده خطواته البطيئة يريد ان يصل الى الشقة ليرى ابنته فالشكوك تساوره تنهش عقله
اقتربت فايزة من أشرف تمسك ذراعه تنحيه جانبا ليتسنى لها محادثته بدون ان يستمع لهم احد فقالت:
– أنت معملتش اللى اتفقنا عليه ليه ها ايه اللى حصل
قبض اشرف على يد شقيقته يجرها معه وعيناه مازالت معلقة على باب المنزل فى انتظار خروج منير مهرولا اليهم بعد اكتشافه ما حدث لابنته فقال:
– فايزة احنا لازم نهرب دلوقتى وبسرعة احنا هنروح فى داهية
نفضت يده عن معصمها الذى بدأ يؤلمنا بسبب ضغط أصابعه فقالت:
– سيب ايدى انت وجعتنى وفى ايه فهمنى يا أشرف ومالك باين عليك زى ما تكون قتلت قتيل
نظرت اليه بريبة لتستطرد قائلة:
– أشرف انت عملت ايه بالظبط اوعى تكون اغتصبتها
نظر اشرف خلفه بخوف قائلا:
– انا ملحقتش اعمل حاجة هى صوتت ضربتها وقعت رأسها اتخبطت فى طرف الكرسى واغمى عليها وراسها بتنزف ومبتنطقش انا خايف تكون ماتت
لطمت فايزة وجهها بيدها وهى تستمع لحديث شقيقها حول ما حدث هرولت فايزة راكضة الى المنزل هى الأخرى لترى الى ماذا ألت الأمور فدلفت وجدت زوجها فى غرفته أبنته يحاول تحريك جسدها الذى لا يستجيب لأى محاولة لافاقتها اصبح يصرخ بصوت عالى:
– ضحى ضحى اصحى يا بنتى فيكى ايه مين عمل فيكى كده
ظل يحرك جسدها وجنون تملك من عقله نظر خلفه وجد زوجته التى ولجت لتوها نظر اليها بشر ونظرات حارقة ظل يقترب منها وهى تبتعد حتى اصطتدمت بالباب خلفها قبض على عنقها يضغط بأصابعه قائلا:
– انتوا عملتوا ايه فى بنتى اكيد اخوكى اللى عمل فيها كده لو بنتى جرالها حاجة هقتلك انتى واخوكى
حاولت فايزة ازاحة يد زوجها عن عنقها ويكاد الهواء ينعدم من رئتيها فوجهها أصبح شديد الاحمرار بسبب الاختناق
سمع منير همس متألم يأتيه من خلفه فاستدار برأسه وجد ضحى تناديه
– بابا
حمدت فايزة ربها فى تلك اللحظة على أن استعادت ضحى وعيها فهى كانت على وشك ان تفارق الحياة بسبب خنق زوجها لها فظلت تسعل بشدة تحاول التقاط أنفاسها
اقترب منير من ابنته بلهفة يحاول إسنادها لتجلس فقال:
– ضحى حبيبتى مالك وايه اللى حصلك مين اللى عمل فيكى كده
بكت ضحى عندما تذكرت تلك اللحظات الرهيبة التى عاشتها ووجه ذلك الدنئ الذى كان على وشك سلبها أعز ما تملكه
– أشرف يا بابا دخل البيت واتهجم عليها وضربنى
عند سماع فايزة حديث ضحى فرت هاربة من الغرفة بل من الشقة أيضا فهى تعلم ماذا سيفعل بها زوجها بعد معرفته ماحدث
ارتمت ضحى فى أحضان والداها ومازالت تبكى وهو يربت عليها بحنان ولكن تذكر إصابتها فاصر عليها بالذهاب إلى المشفى لعلاج ذلك الجرح الذى أصابها وهو يتوعد بداخله انه لن يترك اشرف وفايزة تلك المرة فلابد من وضع نهاية لهم ولكن تلك المرة ستكون بيده هو..!!!
________
ولجت لبنى الى غرفة نومها وجدت عزام جالساً متجهم الوجه واضعا يده اسفل ذقنه يرتكز بذراعيه على ساقيه شاردا فتعجبت من صنيعه فقالت:
– عزام فى ايه مالك قاعد ليه كده
كأنه انتبه الآن على وجود زوجته معه بالغرفة فنظر اليها يزفر بارهاق:
_مفيش يالبنى بس تعبان شوية ومرهق من الشغل
وضعت لبنى تلك الحقائب التى تحملها بيدها على حافة الفراش تنظر بداخلها قائلة:
– لو تعبان روح للدكتور بس غريبة انت عمرك ما اشتكيت من تعبك من الشغل دا انت بتحب شغلك اكتر من اى حاجة ومن اى حد
أصابه الضيق من نبرة صوتها الغير مكترثة بحالته فهو يراها الآن تتفحص تلك الأغراض التى اشترتها غير عابئة به او بحاله ولكن منذ متى ولبنى تكترث لاحد سوى نفسها فقط،فنظر اليها بسخرية وقال:
– انتى بتسألينى وانتى اصلا بتتفرجى على الحاجات اللى اشترتيها ومش مهتمة بجوزك او ايه اللى ممكن يكون حصله بتسألى كده كأن انا مهمكيش فى حاجة
التفتت اليه تعقد حاجبيها تنظر إليه قائلة:
– مالك يا عزام باين عليك عصبى اوى النهاردة ودى مش عوايدك
لم يعد لديه متسع من الصبر فهو أصبح فى حالة مروعة منذ مشاهدته للفيديو الخاص به وبسرين يعيش بقلق شديد من افتضاح أمره فى انتظار ارسال تفاصيل دفع المال مقابل عدم التشهير به وبسمعته ولكن لايوجد رد حتى الآن كأن هناك من يستمتع بقلقه يريده ان يصل الى حافه الانهيار من كثرة الانتظار ،نهض من على مقعده مغادرا الغرفة فقال قبل خروجه:
– مليش يا لبنى سايبلك الاوضة اتفرجى براحتك على فساتينك وحاجاتك اللى اشترتيها
خرج عزام من الغرفة صافقا الباب خلفه،هزت لبنى كتفيها بعدم اهتمام وعادت لاخراج باقى ثيابها من الحقائب الخاصة بها اخذت احد الاثواب وقفت أمام المرأة تضعه عليها لترى كيف تبدو به
–اكيد الفستان ده هيبقى كويس النهاردة
عندما تذكرت تلك المناسبة التى سترتدى بها هذا الثوب حل الوجوم على ملامح وجهها فنطقت من بين شفتيها بغيظ
– برضه المرة دى طلعت فيروز كسبانة بنتها هتتخطب لواحد مكنتش تحلم بيه بنت الجرسون وبتاع غسيل الصحون هيبقى جوز بنتها اشهر رجل اعمال شاب ومش بس كده لاء وكمان من عيلة ارستقراطية وباباه سفير ازاى ما اخدش باله من ميرا بنتى وهى اجمل منها ١٠٠ مرة بس هى حظوظ
التمعت فكرة بخاطرها ألقت الفستان على الفراش وتركت غرفتها تتجه الى غرفة ابنتها دلفت الى الغرفة وجدت ميرا تجلس على فراشها تضع سماعة الهاتف بأذنها تستمع الى احد اغانيها المفضلة عندما تفاجئت ميرا بوجود والداتها قامت بغلق الهاتف تسحب السماعة من اذنها قائلة:
– فى حاجة يا مامى ولا ايه مالك داخلة كده زى ما يكون فى حاجة مهمة حصلت
ابتسمت لبنى لتجلس بجانبها على حافة الفراش وهى تربت على وجنة ابنتها الوردية:
– ميرا العريس اللى جاى لثراء ده مش لازم الجوازة دى تتم العريس ده لازم يكون ليكى أنتى لازم يكون عريسك انتى
نظرت اليها ميرا بذهول وهى تستمع اليها فقالت:
– انتى بتقولى ايه يا مامى انتى عيزانى اخطف عريس ثراء ثم مين قالك ان انا عيزاه بالعكس دا انا مبسوطة ان ثراء هتتجوز وتسيب البيت
استاءت لبنى من حديث ابنتها فهى كانت تظن انها ستوافقها على ما اخبرتها به وستكون سعيدة مثلها بازعاج ثراء وفيروز مثلما اعتادوا ان يفعلوا
– ميرا انتى لازم تسمعى كلامى
وضعت ميرا سماعة الهاتف بأذنها ثانية غير راغبة فى سماع إلحاح والداتها بخصوص هذا الأمر فقالت:
– نو واى انا مش هعمل كده يا مامى وشيلى الموضوع ده من دماغك خالص وياريت متعمليش حاجة تبوظ الجوازة علشان حتى لو باظت انا مش هتجوز واحد كان عينه من بنت عمى مش ميرا عزام الرافعى اللى تبقى نمرة اتنين انا ابقى الاولى يا بلاش
علمت لبنى ان ميرا لن تسايرها فى ذلك المخطط فهى تعلم ان ابنتها عندما تصر على شئ لايستطيع احد تغيير رأيها فنهضت من مكانها تترك الغرفة ومازالت مستاءة من حظ ثراء الوفير متمنية بداخلها حدوث شئ يقضى على تلك السعادة التى رأتها تملأ عين فيروز منذ سماعها بشأن رغبة أمير فى طلب يد ابنتها..!!!
________
وقف أمير أمام المرآة يرى ماهى الثياب الأفضل التى يرغب فى ارتداءها اليوم سمع طرق على باب غرفته فأذن للطارق بالدخول،دلفت سوزان الى غرفة ابنها شهقت بصوت خافت وهى ترى كم تلك الملابس الملقاة على الفراش والأرضية فقالت:
– ايه ده يا أمير ايه الهدوم دى كلها انت بهدلت الاوضة ليه كده
ادار امير رأسه اليها وهناك قلق مرتسم بعينيه
– ماما الهدوم دى حلوة حاسس دلوقتى ان مفيش حاجة عجبانى خالص
ابتسمت سوزان على قول أمير فأقتربت منه قائلة:
– حبيبى أنت بسم الله ما شاء الله عليك زى القمر وانت طول عمرك شيك ومفيش فى شياكتك ليه بقى النهاردة مش واثق فى نفسك
تهدلت ملامحه وهو يقترب يضع رأسه على كتف والدته فقال:
– مش عارف يا ماما من ساعة ما قابلت ثراء وانا ثقتى بنفسى بقت معدومة
لم يسع سوزان سوى الضحك فربتت على ظهره بحنان وقالت:
– للدرجة دى يا أمير دا انت يعنى كل مصايبك كانت بتوصلنى انا وباباك
ابتعد أمير عن والدته بحرج يزوغ بنظراته منها فقال:
– مين ده انا تقصدينى انا يا ماما
نظرت اليه سوزان بدهاء فقالت:
– لاء انا اقصد أمير تانى لكن أميرى أنا ربنا هيهديه وهيتجوز وهفرح بيه وهو بيرتبط ببنت أخلاق ومحترمة ومن عيلة كمان
شقت ابتسامة عريضة شفتيه وهو يرى والدته تعد مناقب ثراء فربما حازت على اعجاب والدته أيضاً فقال:
– عجبتك يعنى يا ماما علشان عارف انتى مش اى حد يكسب حبك
مدت يدها تعقد له رابطة عنقه وهى تبتسم قائلة:
– بس البنت فعلا جميلة وهادية فى كلامها وبتنكسف وخجولة اوى وانا بحب البنوتة اللى كده علشان كده مبسوطة باختيارك يا حبيبى ويلا بقى علشان باباك انت عارفة المواعيد عنده بالدقيقة ومش عايزين نتأخر
اخذ أمير يد والدته يقبلها وهو ينظر اليها بحب فقال:
– ربنا ما يحرمنى منكم ابدا يا ماما
احتضنت سوزان وجه أمير بين كفيها قائلة:
– ولا يحرمنى منك يا حبيبى انا النهاردة اسعد واحدة في الدنيا دى كلها علشان ابنى حبيبى مبسوط
تأبطت سوزان ذراع ابنها يخرجوا سويا من الغرفة فتقابل أمير مع والده الذى كان بانتظاره فى الطابق السفلي فنهض عن مقعده يحكم اغلاق أزرار سترته الانيقة
– خلصت يا سى أمير انت ومامتك هنروح للناس على الفجر
ابتسمت سوزان تقترب من زوجها تنظر اليه قائلة:
– فى ايه يا فهمى لسه بدرى ثم ان أمير لازم النهارة يبقى اخر شياكة مش رايح يخطب ولا ايه يا سيادة السفير يعنى انت يوم ما جيت تخطبنى موقفتش ساعتين تلاتة قدام المراية علشان تزغلل عينى بوسامتك وعلشان اوافق عليك
اختلجت ابتسامة على محيا فهمى بعد ان استمع لمبرر زوجته فى التأخير فقال:
– انا عارف مش هعرف أكسب معاكى نقاش ولا حوار يا سوزان فيلا بينا بقى
خرجوا من المنزل يستقلوا احدى تلك السيارات الفارهة المصفوفة بالمرأب تتبعهم سيارة الحراسة،ظل أمير ينقر باصابعه على ركبته اليمنى كأنه بذلك سينهى تلك المسافة التى تقطعها السيارة فى الوصول لقصر عائلة الرافعى..!!!
________
ارتدت زهرة الثياب الخاصة بالعمل بالمشفى تنظر لاحدى المرايا الموضوعة بالغرفة الخاصة بالممرضات مطت شفتيها بتفكير
– اليونيفورم ده واسع أوى عليا لازم اظبطه علشان يبقى كويس عليا
تحسست منحنيات جسدها بابتسامة فقالت:
– اهم من الشغل تظبيط الشغل نفسه
– انتى بتعملى ايه يا زهرة
نطقت بها احدى الممرضات التى ولجت للتو تضع ما بيدها من اغراض على تلك الطاولة بأحد اركان الغرفة
التفتت إليها زهرة تقترب منها لمعرفة ما تحويه تلك الأكياس التى جلبتها فقالت
– مبعملش حاجة ايه الاكياس دى انتى جبتى اكل كويس اوى
ابتسمت لها الممرضة تناولها احد الأكياس قائلة:
– اه خدى اكل جبتهولك علشان النهاردة الشيفت الليلى هيبقى طويل شوية وفى مرضى كتير عايزين رعاية كلى علشان تتقوى كده وتشدى حيلك
جمدت اصابع زهرة على طرف الكيس بعد سماع حديث الممرضة فلابد ان اليوم سيرهقها كثرة العمل وهى غير معتادة على ذلك فأول يوم عمل لها يكون بالمناوبة الليلية فهى حتى لن يتسنى لها ان تنام بضع ساعات فهى لم تنم بنهارها اليوم حتى يساعدها ذلك على ان تظل مستيقظة حتى تحل ساعات الصباح فقالت بهمس :
– يعنى اول يوم شغل يكون بالليل وانا أساساً منمتش بالنهار ولا بعرف انام بالنهار لاء دى باين عليها شغلانة تقصف العمر
عاودت النظر مرة اخرى الى تلك الممرضة التى شرعت فى تناول طعامها فقالت:
– قوليلى هو دكتور جمال مشى النهاردة من المستشفى بدرى يعنى خير فى حاجة
نظرت الممرضة حولها لتتأكد من خلو الغرفة من أحد يتنصت عليهن فقالت:
– اصل بيقولوا ان النهاردة الدكتور جمال فى عريس جاى يخطب بنته بس لسه الموضوع فى الأول ولسه الدكتور جمال مقالش لحد
سحبت زهرة مقعد تجلس عليه بجانبها فقالت:
– عريس وانتى عرفتى منين طالما مقالش لحد
وضعت الممرضة الملعقة فى فمها تمضغ طعامها قائلة:
– كان بيقول لدكتور صاحبه هنا وفى ممرضة سمعته وقالتلنا وكمان ايه العريس ابن ناس أوى وهو راجل اعمال مهم اوى بيلعب بالفلوس لعب
عادت زهرة تنظر فى المرآة وهى تندب حظها العسير
– عينى على بختنا احنا ليه مبقعش فى رجالة غنية كده كده دايما حظنا فقر مع ان حلاوتي مفيش زيها
قهقهت الممرضة على حديث زهرة الذى تحدث به نفسها ظنا منها انها لا تستمع إليها فقالت:
– طب بنت الدكتور جمال زى ما بيقولوا مال وجمال وحسب ونسب وتعليم فى احسن جامعات ومدارس انتى بقى حيلتك ايه الاغنيا مبيتجوزوش الا الاغنيا اللى زيهم لكن الشاب الغنى الحليوة اللى بيتجوز البت الفقيرة ده فى الافلام بس
تجهمت ملامح زهرة عندما تذكرت حياتها السالفة فتذكرت حرمانها من اتمام دراستها بالرغم من تفوقها الدراسى وتذكرت أيضاً معايرة الناس لها بأن والداتها كانت تعمل راقصة باحد الملاهى الليلية حتى توفت وتركتها وحيدة تحمل وصمة عار بأنها ابنة الراقصة..!!!
________
فُتحت البوابة الرئيسية لقصر عائلة الرافعى لتعبر منها تلك السيارة التى تحمل عائلة العريس المستقبلى لابنة أحد ملاك هذا القصر،ترجل أمير ووالديه من السيارة لمح أيسر يقف على مقربة منهم فتقدم منه أمير قائلا:
– أنت هو انت اسمك ايه اه افتكرت أيسر الحرس بتوعى فى العربية التانية يا ريت تقولهم يركنوا عربيتهم فين مش انت سواق هنا برضه
طغت نفحة من الكبرياء والتعالى على حديث أمير لأيسر فهو لم ينسى تلك الصفعة التى تلقاها من ثراء بسببه
ناظره أيسر ببرود قائلا:
– هو انا مش سواق انا حارس شخصى للانسة ثراء وبسوقلها عربيتها هى بس اصلها مبتحبش سواقة حد تانى ومبتتطمنش الا لما أكون قريب منها وبحرسها
اراد إبلاغه أن يكف عن تلك العنجهية التى يحدثها به فهو ايضا قادر على ازعاجه،لمعت الغيرة بعينى أمير فأقترب منه هامسا له
– قريب أوى مش هيبقى ليك لازمة ولا انك تحرس ثراء
نظر احدهم للاخر كندين على وشك العراك فكل منهم يرغب بازعاج الآخر فمقابلتهم لم تكن ودية منذ البداية إلا أن ايسر رسم ابتسامة كسولة على جانبى ثغره يضيق عينيه بمكر طفيف قائلاً
– حضرتك متأكد من كلامك ده مظنش
جز أمير على أنيابه يتصاعد الدم حار فى شرايينه لم يشعر بالراحة من تلك الثقة التى يتحدث بها كأنه يملك زمام الأمور وليس لاحد سلطان عليه فهكذا هو أيسر لم يخضع بالقول لأحد من قبل حتى وان كانت الظروف تقتضيه أن يفعل ذلك ،عندما فتح أمير فاه راغباً فى صفعه بكلماته النارية الا انه لم يتمكن من فعل ذلك فتناهى الا سمعه صوت والده يناديه
– أمير أمير فى ايه واقف عندك ليه يلا تعال
التفت برأسه لوالده ثم عاد ينظر لأيسر ومازالت عيناه مشتعلتين كجمرتين رفع أمير يده يعدل ثيابه قبل ان يلج للداخل قائلا:
– هنشوف يا بتاع أنت انا ولا أنت وخليك فاكر كلامى كويس
استدار أمير ذاهبا ترافقه نظرات أيسر الحانقة فكم يود هو الآن ان يدق عنق ذلك المتغطرس ولكن عندما تذكر ان فى القريب العاجل سيصبح هذا الشاب الارعن سيد الموقف بارتباطه بثراء فهو لايظن انها ستفضل حارسها الشخصى على من سيصبح زوجها فهمس قائلا:
– هنشوف يا ابن الصواف
وجد نفسه يرفع عيناه ينظر الى شرفتها فرآى الضوء المنبعث من الغرفة فلابد ان تكون هى الآن تنهى استعدادها لاستقبال عائلة العريس المنتظر ،فعلقت عيناه بالشرفة كأنه بانتظار ان تخرج تلقى نظرة على حديقة المنزل مثلما تفعل،سبقته قدميه فى الذهاب إلى غرفته فلا طائل من الوقوف هكذا فتح باب الغرفة تجمدت أصابعه على مقبض الباب يستدير برأسه ليعاود النظر الى الشرفة ثانية ولكن تلك المرة رأها تقف بالشرفة تنظر الى تلك النجوم التى لمعت فى السماء علقت عيناها بالقمر فغطت سحابة جزء منه جعلته معتم كعتمة قلبها الا ان مازال بداخلها ضوء شحيح من الأمل الذى مازال رافضاً ان ينطفئ بالرغم من أنها الآن ستخطو خطوة ليست بالهينة الا أن قلبها يرفض ان ينتزع ذلك الرجل من داخله حاولت ان تعنف نفسها على كثرة التفكير به فظلت تخاطب نفسها قائلة:
– كفاية بقى بطلى تفكير فيه خلاص كل ده خلاص هينتهى انتى دلوقتى هتبقى خطيبة واحد تانى ومينفعش تفكرى فيه انتى كده هتبقى خاينة لامير لو بقى خطيبك وانتى بتفكرى فى واحد تانى اعقلى بقى يا ثراء اعقلى وفوقى بقى من وهمك ده فوقى خلاص هى دى هتبقى حياتك حاولى تعودى نفسك عليها بس ليه مش قادرة ولسه عندى أمل ان كل ده ممكن يتغير وأن ربنا يحققلى أمنيتى يارب ساعدنى يارب
خفضت بصرها قبل ان تخونها عبراتها فوقع بصرها عليه ظلت ساكنة فى مكانها وكل منهم ينظر للآخر فى مناجاة صامتة فعينيها أملة راغبة تدعو الله ان تصبح ملك لمن تريده وعينيه مناشدة صامتة غير قادرة على البوح فهو يعلم على أى أرض هو يقف،عندما خفض بصره ورفعه ثانية وجدها اختفت كحلم دافئ داعب مخيلته ليستفيق الآن ويجده قد رحل فهذا هو الحال فليس له أكثر من ان تكون هى كطيف بداخل قلبه وعقله فهى حلم مستحيل المنال
سمعت ثراء دقات متتالية ملحة على باب غرفتها ،تركت مكانها لتعرف من الطارق فهى لاتريد ان تظل جالسة هكذا فربما ستشعر بأن قدميها سترفض الحركة مثلما تنتابها تلك الحالة من الاضطراب الذى يجعلها لاتشعر بقدميها ،فتحت الباب وجدت عفاف تنظر اليها بابتسامة قائلة:
– ثراء هانم الست فيروز بعتتنى بتقول لحضرتك يلا علشان العريس وأهله وصلوه الف مبروك يا ست ثراء
هزت ثراء رأسها بضعف تتحدث بخفوت بالكاد سمعته عفاف
– الله يبارك فيكى يا عفاف عقبالك تمام انا جاية وراكى
ذهبت عفاف ووقفت ثراء أمام المرآة تنظر لانعكاس صورتها بصمت كأنها تريد ان تمد يدها وتدخل عالم المجهول عالم تضع هى قوانينه عالم وردى تحقق به أمانيها المستعصية زفرت زفرة هواء قوية لتهم بالخروج من الغرفة هبطت الدرج وجدت والداتها تنتظرها فحمدت ربها انها لن تدخل بمفردها أقتربت منها فيروز تنظر اليها وعيناها مغرورقتان بدموع الفرح من انها سترى ابنتها الوحيدة على مشارف الزواج
– ألف مبروك يا حبيبتى ربنا يتمم بخير يارب
ابتسمت ثراء ابتسامة واهنة قائلة:
– الله يبارك فيكى يا ماما
مدت فيروز يدها تحتضن كف يد ابنتها فاخذتها معها حتى وصلوا الى تلك الغرفة المخصصة لاستقبال الضيوف طافت نظرات ثراء فى الحاضرين وجدت عائلتها مجتمعة بأكملها ينظرون اليها بابتسامة الا انها غير قادرة على ان تبادلهم الابتسام او الفرحة فذلك الشئ الذى يجثم على صدرها يمنعها حتى من أن تلتقط أنفاسها براحة شعرت كأنها دمية للعرض تعرض على المشترى بميثاق شرعى
فنهضت سوزان تقترب منها تهتف بسعادة:
– اهلا بعروستنا الحلوة تعالى يا حبيبتى اقعدى جنبى
جلست ثراء بجوار سوزان ظلت نظرات أمير مسلطة عليها لايصدق انها تجلس هكذا بهدوء او أنها ستصبح خطيبته فاشار لوالده ان يبدأ الحديث فحمحم فهمى مخاطبا عزام وجمال
– طبعا انتوا عارفين احنا النهاردة جايين نطلب ايد الانسة ثراء بشكل رسمى وطبعا ده شئ يشرفنا ان ابننا هيرتبط بواحدة من عيلة كريمة وأصل طيب قولت ايه يا عزام وانت يا دكتور جمال
تبسم جمال فاليوم أتى اليه من يخطب ود ابنته المدللة التى حرص على رفاهيتها ودلالاها منذ نعومة أظافرها فنظر الى شقيقه عزام ان يبدأ هو الحديث فهو كبير العائلة والمخول له أيضا بالحديث بشأن زيجة ابنة شقيقه بعد معرفة قرارهم بالموافقة،نظر عزام لفهمى باستحسان فهو صديقه منذ الطفولة فقال:
– واحنا مش هنلاقى احسن من ابنك يا فهمى واحنا موافقين
ربتت سوزان على يد ثراء لمعرفة قرارها النهائى قائلة:
– وانتى رأيك ايه يا عروستنا
أغمضت ثراء عينيها لتمنع تسرب الدموع من مقلتيها فهتفت بصوت منخفض كأن من تتحدث فتاة أخرى ليس لها بها عهد ولا صلة
– وانا موافقة ياطنط بس الجواز لما اخلص دراستى وانا قولت كده لبابا
عندما سمع أمير الشطر الأول من حديثها ملأت البهجة والسرور وجهه الا ان تملك الإحباط منه بعد ان اكملت حديثها فحاول أن يثنيها عن قرارها قائلا:
– ما احنا ممكن نتجوز وتكملى دراستك عادى مفيش مشكلة انا مش همنعك يعنى منها
رفعت ثراء رأسها فنظرت اليه بهدوء قائلة:
– وانا مش حابة اتجوز وانا بدرس جايز الجواز يعطلنى عن دراستى واهملها ثم خلاص انا قربت اخلص السنة دى ومفيش غير سنة دراسية بس حتى الخطوبة بعد ما اخلص امتحانات انا هبدأ امتحان الاسبوع الجاى
أملت ثراء ان يرى أمير ان شروطها مجحفة ويرفض ذلك وبذلك تكون قد نجت بنفسها من مصير لا تعلمه حتى الآن فهى لاتعى ما تفعله هذه الأيام الا انها شعرت بخيبة أمل عندما سمعته يقول
– خلاص اللى يريحك مفيش مشكلة حتى الخطوبة تبقى مع افتتاح القرية السياحية اللى فى الساحل وكمان نعمل الخطوبة هناك وتبقى المناسبة مناسبتين نقرا الفاتحة
تهللت أسارير الحاضرين وشرعوا فى قراءة الفاتحة ضمت ثراء كفيها شعرت بأن لسانها معقود فهى تنظر إليهم كأنها أصابها الخرس ولكنها بعد برهة بدأت فى قراءة الفاتحة وبعد ان انتهوا أخرج أمير من جيبه ذلك الخاتم الذى ظل يرافقه منذ أن قابلها يتحين الفرصة فى الباسها اياه
– هو الخاتم ده مش خاتم الخطوبة بس حاجة مبدأية كده على ما نعمل حفلة الخطوبة
نظر اليه والده فهمس قائلا:
– حتى الخاتم محضره اه منك يا أمير
حاول أمير كبت ضحكته فهمس لوالده بصوت منخفض:
– أحسن تغير رأيها يا بابا قبل ما نعمل حفلة الخطوبة اصلك لسه متعرفهاش دى عليها ايد ولا الكرباج
رفع أمير يده يتحسس وجنته التى تلقت صفعة من يد ثراء فنظر اليه فهمى بعدم ادراك لما يقوله فحاول أمير أن يحول دفة الحديث حتى لا يعلم والده بشأن ماحدث بينه وبين ثراء من مشاجرات قبل ان توافق على خطبته لها
–ممكن يا ماما تلبسيها الخاتم
اخذت سوزان الخاتم من يد ابنها ووضعته بأصبع ثراء التى شعرت بثقله ليس على اصبعها فقط وانما أيضاً على قلبها أقترب منها والداها يحتضنها بسعادة غامرة قائلا
– مبروك يا حبيبتى ربنا يتمم بخير
تلقت ثراء التهانى من الحاضرين حتى الخادمات بدأو فى اطلاق الزغاريد التى علت أصواتها بين أرجاء القصر وتناهت الى مسامع أيسر وهو يجلس على فراشه يضع رأسه بين يده فرفع رأسه بعد سماعه تلك الاصوات فتيقن ان حدث ما كان يخشاه فهى حقاً ستصبح خطيبة رجل أخر سينعم احد اخر برؤيتها التى خلبته عقله منذ ذلك اليوم الذى كان من الممكن ان يقوم احد باختطافها وهو انقذها من بين براثن ذلك اللص، نهض من مكانه كمن لدغه عقرب يريد ان يدلف للقصر ان يصرخ بوجه الحاضرين أن تلك الزيجة لن تتم ،ظل صدره يعلو ويهبط من شدة انفعاله وهو ممسك بمقبض الباب يريد الخروج الا انه لم يقوى على فعل ذلك فاسند رأسه على الباب وبدأت دموعه فى التساقط ظل يضرب الباب بقبضته وهو يقول بصوت أقرب للنحيب :
– لاء يا ثراء لاء بلاش انتى يا احلى حاجة حصلت فى حياتى التعيسة كلها انا مش هستحمل اشوف حد تانى بياخدك منى لاء انا انسرق منى عمرى وحياتى وكل حاجة حلوة فى حياتى بلاش انتى كمان تضيعى منى زى ما كل حاجة ضاعت واللى عمل فيا كده عايش حياته ومبسوط وضميره ماااات ااااااااه اااااااه
استمر فى ضرب الباب بقبضته حتى سال الدم منها الا انه لم يهتم بذلك فتهاوى جسده يسقط أرضاً ومازال ينتحب فأصبح كجسد على وشك بلوغ نزوع الروح منه وهو يتخيلها الآن انها ستصبح ملك لأخر جلس على الأرضية بدأ الدم يتساقط من يده الا إنه جلس بلا حراك كأنه تجمدت جميع حواسه لايرى شئ ولا يسمع شئ سوى النظر فى الفراغ إلا انه هب واقفاً مكانه باصرار:
– لاء ده مش هيحصل انا مش هضيعها من أيدى لاء ثراء مش لازم تكون لحد غيرى
فتح أيسر الباب وما كاد يخطى خطوة خارج غرفته حتى رأى ما جعل قدميه تتيبس غير قادرة على الحركة فظل واقفا مكانه كأنه تمثال حجرى نحته نحات بارع واصفاً بدقة ملامح الحزن والأسى والألم الذى مزق فؤاده…!!!!
اترك رد